الأربعاء، 26 يناير 2011

ما أشبهك بمعالي الوزير أيها الطاووس !!


قد يستغرب البعض من العنوان ، لذا لابد لنا من التنويه بأن عينة المسؤل الطاووس هي ظاهرة ولكن لايمكننا تعميمها ، كما لايمكننا هضم حق الكثير من المسؤليين المخلصين الذين لاتمت لهم هذه الظاهرة بصلة ، لا من قريب ولا من بعيد ..
قبل الدخول في صلب الموضوع لابد لنا من الإشارة إلى بعض مايميز الطواويس عن غيرها من المخلوقات ، فلا يختلف إثنان على جمال الطاووس وجمال ريشه الآخاذ ورقة مشيته ، ولكن ما هو غير معلوم للجميع أن كلفة تربية الطاووس تفوق بكثير تربية الحيوانات الأخرى كما أن صوت  الطاووس  مزعج جدا إلى حد كبير فلا يمكن لأحد العيش في مكان قريب من أماكن تربية الطواويس ، هذا بالإضافة إلى أن الطاووس عديم الفائدة فلا يمكن الإستفادة منه إلا بالتخلص منه وذلك عن طريق ذبحه وأكله ، علما بأن طعم لحمه غير مستساغ  أبدا ، ناهيك عن أنه يقوم بتخريب أي مكان يتواجد فيه كما أنه يتميز بالهروب من أي أحد يحاول الإقتراب منه بل أنه يختبئ حتى يتأكد من أن الشخص الذي يريد الإقتراب منه قد أختفى تماما !! .. فاليعذرنا الطاووس إن أنصفناه وإن لم ننصفه ! ،  أعتذر عن الإطالة ولكن كان لابد لنا من الإشارة إلى مايميز هذا النوع من الخلوقات سلبا وإيجابا .
ما أشبهك أيها الطاووس بالكثير ممن يعيشون بيننا  فوق هذه الأرض ، بل ما أشبه صفاتك بهم ، وما أشبه صفاتهم بك ، ولا أعلم من الذي يقلد الآخر؟؟ ، وكأن كل منكم ينافس الآخر على هذه الصفات ..
تطرقت سابقا وفي عدة مقالات عن المناصب العليا ومعايير التعيين في هذه المناصب و إلى تقييم الأداء المؤسسي وإلى صفات بعض أصحاب المناصب فمنهم القزم بتفكيره ومنهم المصاب بأمراض نفسية ومنهم من يعاني من عقدة نقص تجاه الأخرين .. إلخ . وهذا ينعكس سلبا على الأداء بشكل عام .
 لا أخفيك أخي القارئ بأنني عندما أتابع تغطية التلفاز للكثير من الفعاليات والمؤتمرات الصحفية ، وإفتتاح المشاريع وإجتماعات اللجان إلخ .. ينتابني شعور غريب جدا ، فما أشاهده هو حقيقية ولكن ما يرتسم في مخيلتي هو الطاووس ! فالكثير منهم يحاول تقليد الطاووس في مشيته وصراخه المزعج وهروبه من مقابلة المواطنين وفي العبث الذي يحيط بمؤسسته وأداءها ، فالتركيز كل التركيز على المظهر وإهمال الجوهر ، وما يضحكني هو عند متابعتي لجلسات مجلس الشورى الموقر والذي يطلق عليه البعض (تفق البرزة) ، فعندما يأتي الوزير ويلقي البيان الوزاري والذي يقوم هو ومن يعمل معه بإعداده ، ويلزم أعضاء المجلس بعدم التطرق إلى ما لم يتناولنه بيانه ! ، فأي ضحك على الذقون هذا ؟ وأي أسئلة صعبة أو إخفاقات ستقوم أنت بإدراجها في بيانك يامعالي الوزير ؟؟
كما أنه عندما يحاول المواطن مقابلة بعض الوزراء ، فإنني أتفاجئ بالتهرب الغريب والغير مبرر من المقابلة ، فالبعض منهم لايمتلك الشجاعة الكافية لمقابلة المواطن!، وهنا أتذكر الطاووس وهروبه من كل من يريد الإقتراب منه ، مسكين أنت أيها الطاووس فكم خدعوك عندما قالوا لك بأنك جميل وأتذكر أيضا بيت الشعر الذي يقول :
 خدعوها بقولهم حسناء   والغواني يغرهن الثناء ..
أتذكرك أيضا أيها الطاووس عندما تأتي معاملة مواطن لاتحتاج سوى توقيع الوزير فيقوم هذا الوزير بتشكيل لجنة لدراستها واللجنة تنبثق منها لجان واللجان تستعين بشركات أجنبية وتطرح مناقصات إستشارية لدراسة مثل هذه الحالات وتمر السنين والسنين  والمواطن ينتظر التوقيع فقط ! ، نعم أتذكرك أيها الطاووس وأتذكر حبك اللامحدود  في تخريب كل شيء حتى الحظيرة التي تعيش فيها ، مسكين أنت أيها الطاووس فما ظلمك أحد ولكنك أنت من ظلمت نفسك  ، فالغواني يغرهن الثناء  ..
أتذكرك أيضا ولست بحاجة لأن أتذكرك أيها الطاووس فأنت لاتغيب عن مخيلتي ، فعندما يجتمع الوزير بمن هم يعملون معه من المطبلين له والذين يصفقون له حتى لو عطس !  ويقوم أحدهم بعد أن أرقه ضميره ويشير إلى بعض نقاط الخلل الممكن تداركها قبل أن تتفاقم ، ويقوم الوزير بالصراخ فإنني لا جد فرقا بينه وبين الطاووس فالطاووس عندما يضرخ لايمكن لأحد سماع أي صوت غير صوته .
ويستمر الطاووس في صراخه ، لا لكي يسمعه أحد ولكن لكي لايستطيع أحد سماع غيره !! الحديث يطول ويطول عن الطاووس وأشباهه ولكنني أود أن أختتم بهذه الأبيات :
مشى الطاووس يوما باختــــــيال        فــقــلــد شـــكـــل مـشــيــتــه بـــنــــوه
فـقــال عــــلام تـخـتـالـون؟ قــالــوا        بــــــدأت بــــــه ونـــحــــن مــقــلـــدوه
فخالـف سيـرك المعـوج واعــدل        فـــــإنـــــا إن عـــــدلـــــت مـــعـــدلــــوه
أمـــــا تـــــدري أبــانـــا كـــــل فــــــرع        يــجــاري بـالـخـطـى مــــن أدبــــوه
ويـنـشــأ نــاشــئ الـفـتـيـان مــنـــا        عــلــى مــــا كــــان عـــــوده أبـــــوه



طارق بن عمر المرهون
Tariq.o@hotmail.com