الجمعة، 29 يوليو 2011

جريمة تعطيل الأحكام القضائية ..



كما يعلم الجميع بأن النظام الأساسي للدولة هو الإطار العام لجميع التشريعات والقوانين السارية في سلطنة عمان، وكما أن أية ممارسة أو عمل أو لائحة تتعارض مع أي مادة من النظام الأساسي للدولة الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (101/96)، تعتبر باطلة من الناحية القانونية ولا يمكن سريانها، كما تضمنت مواد النظام الأساسي للدولة استقلال القضاء ونفاذ أحكامه، فقد ورد في باب القضاء بالفصل السادس المادة (71): (تصـدر الأحكام وتـنفـذ باسـم جـلالـة السـلطان، ويكـون الامتـناع عن تـنفيذها أو تعطيل تـنفيذها من جانب الموظفين العمـوميين المختصين جـريمـة يعـاقـب عليها القـانـون. وللمحكوم لـه في هذه الحالـة حق رفع الـدعوى الجنـائية مباشرة إلى المحكمة المختصة). وهذا نص واضح يجرم تعطيل الأحكام القضائية والامتناع عن تنفيذها، فلا مجال بعد هذا النص من تبرئة من يقوم بهذا الفعل المشين ألا وهو تعطيل الأحكام القضائية. ومن المؤسف حقًّا هو قيام مؤسسات رسمية، سواء حكومية أو شبه حكومية (كالشركات الحكومية والتي تملك الدولة ما يفوق 51% من رأس مالها) بتعطيل بعض الأحكام القضائية خصوصًا تلك الصادرة من محكمة القضاء الإداري، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن ما هو السند القانوني الذي يسمح بتجاوز مواد النظام الأساسي للدولة؟ وهل يوجد تشريع أو سلطة لها الحق في ذلك؟ وهل يوجد ما يبرر بقاء من يقومون بتعطيل الأحكام القضائية في مناصبهم؟ لأن من لا يعير الأحكام القضائية بالاً لا يمكن الاعتماد عليه أبدًا، لا على المستوى الشخصي أو العملي. كما أن احترام القوانين وسريان الأحكام القضائية من الدعائم الرئيسية في استكمال منظومة دولة المؤسسات.

لذا لا بد من وجود جهة أو جهاز معني بإلزامية تنفيذ الأحكام القضائية، وهنا أكرر خصوصًا أحكام القضاء الإداري. كما أنني أعول على جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، أن يقوم بهذا العمل وإلزام الجهات التي لا تنفذ هذه الأحكام ومحاسبتها، فالجهاز الإداري للدولة كبير، ولا يخلو من مثل هذه القضايا، كذلك المؤسسات والشركات الحكومية والتي تخضع لسلطة القضاء الإداري لا تخلو هي أيضًا من مثل هذه الحالات.

كلمة أخيرة:
من لا يحترم القضاء، لا يستحق الاحترام.


طارق بن عمر المرهون 



تم نشره في صحيفة الوطن العمانية
بتاريخ 30/07/2011



الأحد، 24 يوليو 2011

بعد طول غياب ..

أولا أود أعبر لقرائي الذين كانوا ولا زالوا على توصل معي خلال الفترة الماضية والذين دائما ما كانوا يطالبونني بالاستمرار في الكتابة وعدم التوقف ، وقد شرحت للكثير من القراء أن توقفي عن الكتابة لم يكن سوى استراحة محارب إن جاز لي التعبير ، فتوقفي عن الكتابة كان منذ أخر مقال لي  تم نشره بتاريخ 26/02/2011 في صحيفة الوطن العمانية والذي كان يحمل عنوان (الفساد وقود الثورات) ، وقد تطرقت في المقال إلى الوضع السائد آنذاك وقد أشرت في نفس المقال إلى توقعاتي بحدوث أعمال تخريبية ، إن لم يتم تدارك الوضع بدءا بالتغيير ولم تكن تلك التوقعات سوى قراءة وتحليل للوضع العام والسائد في تلك الفترة ، وكما يعلم الجميع ما مرت به السلطنة  خلال شهر فبراير ومارس من تجمعات و إعتصامات ، أسقطت الكثير من الأقنعة ، فقد تلقيت عدة اتصالات ورسائل بالبريد الالكتروني تطالبني بالتوجه إلى مقر الإعتصامات في محافظة مسقط وغيرها من المناطق ، وذلك لكي أقوم بالإلقاء خطب للجمهور ، وكان موقفي واضح منذ أول يوم لهذه الإعتصامات وقد قلت للجميع بان الوطن أكبر من يتاجر به أحد ، هذا هو موقفي والذي توقفت بسببه عن الكتابة منذ تلك الفترة حتى الأن فقد غاب صوت العقل وتعالت أصوات الغوغائيين في كل مكان ، ومع الأسف فإن بعض من كان يقوم بتهييج الناس وتأليبهم ضد الحكومة والدولة من الذين يطلق عليهم مثقفين هم من كانوا يتاجرون بهذا الوطن لأسباب وأغراض شخصية والبعض الأخر أحب الظهور على حساب بلاده وهذا ما هو مؤسف ، فقد يختلف المرء مع أشخاص ذوي مناصب فلا يعني ذلك خلاف مع الحكومة أو الدولة إلا لمن كان يحمل في داخله نوايا  سيئة تهدف في المقام الأول الإساءة لسلطنة عمان وتحقيق أهداف خافية على الجميع ظاهرة لمن أنعم الله عليهم بشيء من الحكمة ، لذا أثرت آنذاك التوقف عن الكتابة ، ومراقبة الوضع الذي ساد في البلاد تلك الفترة وقد خلصت إلى نتائج و استنتاجات كثيرة سأتطرق إليها في موضوع منفرد لاحقا .
لا أخفي إعجابي الشديد للطريقة التي أديرت بها تلك  المرحلة ، بل لم أكن أتوقع أن يتم التجاوب مع المطالب بهذه السرعة والجراءة والتي تؤكد لنا بأن المقام السامي - حفظة اللهتعامل مع الأحداث تعامل الأب مع أبنائه ، فالحكمة لم تكن غائبة والقوة التي تسبقها الرحمة لم تكن غائبة أيضا ، ولله الحمد فقد تحقق للعمانيين ما  لم يكن يتوقعه العقل البسيط ، ولا يمكنني أن أقول بأن الأحداث كانت هي السبب في ذلك ، ولكن من باب الإنصاف ، قد تكون هي من سرعتها .
لا يمكن أن  يتصور أي إنسان فرحتي بالأوامر السامية في تلك المرحلة خصوصا الأوامر  التي جاءت بتوسيع صلاحيات جهاز الرقابة المالية ، والذي أصبح جهاز الرقابة المالية والإدارية ، هذا الجهاز الذي يعول عليه الصغير قبل الكبير في حفظ المال العام ليكون سدا منيعا لكل من أراد التجاوز أو التلاعب بقصد أو بدون قصد ، فالمسؤوليات الملقاة على عاتق هذا الجهاز والقائمين عليه مسؤوليات جسيمة أعانهم الله عليها .
نتمنى من جهاز الرقابة المالية والإدارية والقائمين عليه التركيز على الشركات الحكومية خصوصا تلك التي تملك الدولة في ما يفوق عن 50% من رأس المال ، فبعض تلك الشركات تقوم بالاستثمار في الخارج دون أن يكون لتلك الاستثمارات عائدات أو حتى نتائج ملموسة  ما يجعلنا نتوجس من تلك الاستثمارات ، كما أن بعض تلك الشركات لا تعير أي اهتمام للكثير من الأحكام القضائية الصادرة ضدها ولا تقوم بتنفيذها ، خصوصا تلك الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري ، علما بأن القانون قد فرض غرامات على كل من يعطل حكم قضائي ، ما يدخلنا في تسأل أخر هل هذه الغرامات تدفع من الحسابات الشخصية لمن قام بتعطيل تلك الأحكام أم حساب هذه الشركات ؟؟ ..
كما نتمنى من جهاز الرقابة أن يقوم بالتدقيق على المخصصات والرواتب الخيالية للرؤساء التنفيذيين  و الإدارات التنفيذية لهذه الشركات ، هذا بالإضافة إلى المكافئات التي يتقاضونها بين الفترة والأخرى والتي تعتبر من المال العام .
كلمة أخيرة :
أشكر كل من تواصل معي وطالبني بعدم التوقف والاستمرار في الكتابة ، وأتمنى أن أكون قد أوضحت لهم الأسباب وأعدهم بالعودة من الآن وصاعدا  .
طارق بن عمر المرهون
Tariq.o@hotmail.com