الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

وما خفي كان أعظم !!



مما لايخفى على أحد أن النظام الأساسي للدولة يعتبر الإطار العام للتشريعات والقوانين في السلطنة ، وهو المرجع القانوني والأخلاقي لكل اللوائح والأنظمة ، ومن هذا المنطلق فإن أي إجراء أو تشريع يتعارض مع النظام الأساسي للدولة يعتبر إجراء باطلاً لايستند على قاعدة قانونية سليمة ، كما أن أي إجراء أوتشريع يحاول الإلتفاف على النظام الأساسي للدولة من خلال أنظمة ولوائح تفصيلية ، هي محاولة للإلتفاف على الشرعية .
لقد تضمنت المادة التاسعة للنظام الأساسي للدولة على الفقرة التالية ، (يقوم الحكم في السلطنة على أساس العدل والشورى والمساواة ..) إلى أخر الفقرة ..
كما تضمنت الفقرة الرابعة من المبادئ السياسية والتي جاءت في المادة العاشرة للنظام الأساسي للدولة على الآتي (إقامة نظام إداري سليم يكفل العدل والطمأنينة و المساواة للمواطنين ...) إلى آخر الفقرة ..
بالنظر إلى ماتقدم لابد لنا من الوقوف على كيفية تطبيق بعض المؤسسات لهذه المواد وإلتزامها ببنودها نصاً و روحاً ، فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن بعض المواطنين يحصلون على أراضي سكنية تبعد عن مناطق الخدمات الأساسية كالكهرباء والماء والطرق مئات الكيلومترات ولاتساوي من الناحية المادية قيمة رسومها ، وذلك عن طريق نظام سحب القرعة ، في حين أن البعض يحصلون على أرض وأكثر في مناطق تم التوزيع فيها منذ عشرات السنين ، أي أنها مناطق مميزة شاملة على كافة الخدمات وأسعاراها بمئات الألوف  ، فياللعجب من هذه القرعة التي تنتقي الناس إنتقاء المعارف !! هذا إن كانت هناك قرعة لهؤلاء ؟! والأمر ينسحب على الإستخدامات الأخرى للاراضي ..

السؤوال الذي يطرح نفسه هو ، هل القائمون على هذه المؤسسات لديهم نقص في مفاهيم المساواة أم أن مفهوم المساواة ينحصر على مساحة الأرض فقط ؟؟ وهل الإجراءات التي يتم بموجبها توزيع هذه الأراضي سليمة طالما أنها تتعارض مع مبداء المساواة والذي أكد عليه النظام الأساسي للدولة ؟
هذا بالإضافة للأراضي ذات المساحات الشاسعة والإستخدامات المتعددة ، والتي تقع في مواقع مميزة وأسعاراها بالملايين ، فهل يتم توزيع هذه الأراضي عن طريق القرعة أيضا ؟؟ وهل عملية التوزيع هذه تخضع لمبداء المساواة المشار إلية ؟!

إن ترجمة مبداء المساواة وتطبيقه فعليا هو لزاماً على كل مؤسسة عامة وعلى القائمين عليها ، هذا بالإضافة إلى أن هذه المؤسسات ملزمة  بإحترام المواطن كان من كان ، غنيا أو فقيرا ، وزيرا أو غفيرا ، فالمواطن هو عصب العملية التنموية ومحورها ، ولايمكننا القبول بالتمييز بين مواطن وأخر كما لايمكننا قبول عدم إحترام المواطن بسبب وظيفته أو فقره أو مكانته الإجتماعية ، فالمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات .

من الغريب حقا أن يتم التمييز بناءاً على تعليمات وأن يتم إحتقار المواطن وإهانته بناءاً على تعليمات ، وهذا الذي لايمكننا القبول به جملة وتفصيلا ، فبدلا من أن تكون هذه الممارسات فردية ، فقد أصبحت توجه لدى بعض المسؤلين ، عافانا الله وإياكم من أسقام مثل هؤلاء .
 من خلال تجربة شخصية لي مع أحد القائمين على هذه المؤسسات والتي رأيت فيها العجب العجاب ، فقد ترسخت لدي قناعة بأن هناك من يتعبر إحتقار المواطنين منهجيه وأسلوب عمل ! ، فقد قمت خلال الشهر الماضي بالإتصال بمكتب أحد أصحاب المعالي الوزارء وذلك لطلب مقابلته بخصوص موضوع خاص بصديق ، ومتعلق بصلاحيات معالي الوزير ، فبعد السلام على منسق معالي الوزير ، قمت بالتعريف بنفسي وطلبت التشرف بمقالبة معالي الوزير ، فأجابني بالرد التقليدي : أيش الموضوع ؟ ذكرت له بأنه موضوع أرض ، فكرر علي السؤال : أيش الموضوع ؟؟ فأجبته بنفس الإجابة ظنا مني بأنه لم يستمع لإجابتي الأولى ، فما كان إلى أن قام بالصراخ علي قائلاً : أنته ماتفهم أنته .. أنته ... أنته ..   أقولك أيش الموضوع بالضبط ؟؟!! في هذه اللحظات كانت لي وقفة مع النفس وقد تبادرت لذهني عدة أسألة وظنون منها أنني إعتقدت للوهلة الأولى أنني أخطأت في رقم الإتصال ، فهل يعقل أن يكون هذا رد إنسان يعمل في مكتب وزير ؟!! ولكن الأدهى والأمر هو ما يلي ، فبعد الصراخ واللألفاظ النابية التي لايمكن سماعها حتى في سوق سمك ، وقد تشرفت بسماعها من مكتب معاليه ، قمت بالسؤال عن سبب هذا الأسلوب وهذه الطريقة إن كانت تغني عن مقالبة معاليه ؟؟ فما كان رد المنسق إلا المفاجئة المنتظرة فقد قال : هذه تعليمات معالي الشيخ الوزير !!!!!! .

من الغريب حقا أن يتم إهانة المواطنين بناءاً على تعليمات !! .. فلا نستغرب أن يقوم صغار الموظفين بإحتقار المواطنين طالما أنهم يطبقون التعليمات ، ومن يدري قد يكون هناك تقييم لهذه الإهانات وقد يتم إدراجها ضمن تقييم الأداء الوظيفي ؟! . ومن عظيم الصدف أن تتزامن هذه الواقعة مع إحتفالات البلاد بالعيد الوطني الأربعين المجيد !!.

كلمة أخيرة :
إن مثل هذه الممارسات لاتدل إلا على قصور في الوعي بمفاهيم المساواة ، والتي هي حجر الأساس لقيام الدول ونهوضها وإستمراريتها .


طارق بن عمر المرهون
Tariq.o@hotmail.com

ليست هناك تعليقات: